أهمية اختيار المشرف في الأبحاث الأكاديمية
من المعلوم أن أصول التأليف والبحث العلمي إذا بلغ مرتبة الاستواء، فإنه يحتاج إلى مرشد وموجه، فغياب المنهجية المحكمة في الكتابة والبحث يفضي إلى انهيار خطة البحث، فلا يعقل أن يستقيم للباحث الناشئ بناءً هندسياً في غياب خبير لهذا البناء، فخبرة المشرف الأكاديمية كفيلة بتسديد البحث وسد ثغراته وضبطه وتنسيقه، ولهذا ركز علماء المنهجية على دور المشرف في متابعة الباحث في كل مراحل بحثه، ليستأنس بتوجيهاته ويسترشد بآرائه، وذلك لصعوبة المسلك ووعورة المأخذ.
وفي السطور القليلة القادمة سوف نقوم بإبراز أنواع المشرفين وكيفية اختيارهم، ودورهم في توجيه الطالب، وأهم المهام والمسئوليات الملقاة على عاتقهم.
أنواع المشرفين الأكاديميين
المعلوم أن هناك اختلاف واضح بين المشرفين الأكاديميين، فلكل مشرف شخصية وجانب يختلف عن الآخر، ويتحدد هذا الاختلاف في طريقة التواصل بين المشرف والطالب، وكيفية العامل بينهما وغير ذلك، وهناك ثلاثة أنواع من المشرفين بعضهم يتناسب مع ميول بعض الطلبة، وبعضهم الآخر لا، وهم:
- المشرف النشيط جداً، وهو الذي يتابع الطالب أولاً بأول، ويقوم بتوجيهه بصورة مستمرة، ويطلب بشكل مكثف من الطالب مهام جديدة، وبدفع بالطالب للإنجاز دائماً.
- المشرف المعتدل جداً، وهو الذي لا يفرض آراءه على الطالب ويبقى متابعاً للطالب، ويقترح على الطالب بعض الآراء ودون أن يطلبها كالمشرف النشيط.
- المشرف الخامل والكسول، وهو الذي لا يتابع الطالب، ولا يبحث عنه، وتمر شهور عديدة دون أن يطالب بمشاهدة إنجاز الطالب، ولا يهتم بتوجيه الطالب والبحث عنه.
وكما أسلفنا فإن بعض الطلبة النشيطين يفضلون النوع الأول لإنجاز مهامهم بأسرع وقت، ومنهم من يفضل النوع الثاني الذي يرى أنه ديمقراطي يبدي رأيه دون تدخل أو فرض، أما النوع الثالث فيفضله الطلبة الكسالى الذين لا يبحثون عن التميز والإنجاز.
كيفية اختيار المشرف الأكاديمي
عند اختيار المشرف الأكاديمي، وحتى تستفيد منه في إعداد رسالتك العلمية يجب وضع بعض النقاط في الحسبان كي تختار المشرف الذي يمكن أن يثري رسالتك وهي:
- الخبرة في مجال البحث العلمي، حيث أن تلك الخبرة ستنتقل إليك في حال استثمارك لها من خلال الإرشاد والنصح الذي ستتلقاه منه.
- أن يكون متعاوناً معك، خاصة أن هناك مشرفين يتصفون بالخمول والتكاسل وعدم الرد على تساؤلات الباحث، ولتتجنب ذلك عليك باختيار مشرفاً ذو رحابة صدر ومتعاوناً ويتابع بحثك أولاً بأول.
- أن يكون متفرغاً إلى الدرجة التي يستطيع فيها الرد على التساؤلات ومتابعة بحثك، ولذلك عليك بالبحث عن مدى تفرغ المشرف ويفضل أن تقوم بسؤاله مباشرة.
- من الأفضل أن تختار المشرف المتخصص في بحثك، والذي يمتلك العديد من الأبحاث والدراسات في مجال بحثك، نظراً لامتلاكه الخبرة التي يمكنها أن تعزز بحثك وتعمل على إثراءه.
أهمية اختيار المشرف
يظن البعض أن اختيار المشرف ينقل الكثير من المهام الملقاة على كاهل الباحث إلى المشرف، ويجعل الباحث فقط ناقل للمعلومة دون تمحيص أو فحص، ولكن المعلوم أن دور الباحث لا يقل أهمية عن دور المشرف في البحث، فالباحث الجيد هو الذي يحمل الدور على عاتقه، ويسعى جاهداً للبحث عن المعلومات واكتشافها للوصول إلى الأهداف التي يبحث عنها، ويجعل من المشرف موجهاً فقط دون إشراكه في خصوصيات الرسالة التي هي من اختصاص الباحث فقط.
مهام ومسئوليات المشرف الأكاديمي
كما أسلفنا سابقاً فإن المشرف الأكاديمي له دور ثانوي في البحث، والذي يتحدد في الإرشاد والتوجيه دون التدخل في خصوصيات الرسالة، وبناءً عليه يمكن تحديد مهام المشرف الأكاديمي في النقاط التالية:
- الإرشاد والتوجيه وليس كما يظن بعض الطلبة أن المشرف يقع على كاهله اختيار العنوان وتحديد المشكلة وإيجاد الحل لمشكلة البحث واتخاذ جميع القرارات المتعلقة بالبحث، ولكن تتحدد طبيعة العلاقة ين المشرف والطالب في توجيه النصائح والإرشاد للطالب كي يستقيم البحث ويخرج بأبهى صورة دون تدخل وفرض رأي معين على الباحث.
- تخصيص وقت كافٍ من المشرف للطالب لمناقشته في البحث وتوجيهه والاطلاع على سير العمل وحل المشكلات والعراقيل التي قد تواجه الطالب.
- متابعة الطالب وتصحيح مساره، فالطالب في هذا الوقت ليس خبيراً في الكتابة كخبرة المشرف، وبالتالي يحتاج من المشرف متابعته أولاً بأول وتصحيح الأخطاء التي يقع فيها الباحث، كي يتلاشاها في الخطوات اللاحقة.
- تشجيع الطالب وتحفيزه أثناء الكتابة كي ينتهي من عملية البحث والكتابة، كون التشجيع والتعزيز المعنوي يمكن أن يكون سبباً في زيادة نشاط الطالب وهمته في البحث.
خلاصة القول أن المشرف يعتبر أحد أعمدة البحث الأكاديمي، وهو الذي يقوم على نجاح البحث أو فشله، وعليه يجب على الطالب اختيار المشرف المميز والمتخصص عند اختيار بحثه، وذلك كي يستقيم البحث ويصل مرحلة الاستواء، ومن ناحية أخرى يجب على المشرف بناء علاقة مشتركة مع الطالب وعدم إلقاء كامل العبء عليه، وفي نفس الوقت عدم التساهل مع الطالب والقيام بكامل المسئولية بالتسلط والاستبداد، ولكن يجب أن تكون المسئولية والأعباء مشتركة ليخرج البحث بأبهى صورة.